في إطار الجهود الإقليمية لتعزيز الاستثمار المستدام وتطوير الأسواق المالية العربية، شهدت فعاليات المعرض العربي الأول للاستدامة، المنعقد تحت رعاية جامعة الدول العربية، جلسة نقاشية موسعة بعنوان “البورصات والاستثمار المستدام“، بحضور نخبة من كبار الاقتصاديين والمستثمرين والخبراء في الشأن المالي.
أدارت الجلسة رانيا يعقوب، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، حيث ناقشت مع عدد من المتخصصين مستقبل الاستدامة المالية ودور البورصات العربية في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية على مستوى المنطقة.
الأسواق المالية مرآة الاقتصاد
وفي كلمته، أكد الدكتور ماجد عبد العظيم قابيل، أستاذ الاقتصاد وخبير الاستثمار، أن البورصة ليست فقط وسيلة لجذب رؤوس الأموال، بل تعد انعكاسًا دقيقًا لحالة الاقتصاد الوطني، مشددًا على ضرورة إصدار تشريعات تحفيزية لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ووضع البورصات العربية على خارطة البورصات العالمية.
وأضاف أن مرونة القيادات ووعيها الاقتصادي عنصران أساسيان لرفع كفاءة البورصة، داعيًا إلى خطة واضحة لتطوير سوق المال وتعزيز دوره في تحقيق التنمية المستدامة.
حماية المستثمرين الصغار مفتاح النمو
من جانبه، حذر الدكتور حسن الصادي، المستشار الاقتصادي الأسبق لبورصة الكويت، من مخاطر التلاعب داخل السوق، مؤكدًا أن ثقة المستثمرين الصغار عنصر حيوي لا يمكن التفريط فيه. ودعا إلى تعزيز الآليات الحمائية مثل “صانع السوق – Market Maker”، وتنسيق السياسات النقدية والضريبية بما يتماشى مع استراتيجية البورصة الاستثمارية.
الاستثمار العالمي والاستدامة تحت المجهر
أما الخبير الاقتصادي الدولي أحمد شريف، فتحدث عن أثر الأوضاع السياسية العالمية على الأسواق المالية، مشيرًا إلى أهمية إدارة المخاطر في ظل تقلبات مثل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وأكد أن الاستثمار المستدام يتطلب معرفة دقيقة واتخاذ قرارات مدروسة، خاصة في ظل التغيرات المتسارعة في التصريحات السياسية والتوجهات الاقتصادية الدولية.
نصائح استثمارية للمواطنين
وفي ختام الجلسة، قدم الخبراء توصيات عملية للمواطنين بخصوص توزيع المدخرات والاستثمار الآمن. وأكد علاء درويش، خبير أسواق المال، أهمية تنويع المحافظ المالية لتقليل الخسائر وتحقيق توازن بين الأصول المختلفة مثل الذهب والأسهم والمشروعات الثابتة.
وشدد الدكتور الصادي على ضرورة الابتعاد عن التوجهات العشوائية في السوق، معتبرًا أن تقلبات الأسواق تعكس أحيانًا سياسات انتخابية دولية تؤثر على حركة رؤوس الأموال.
بينما أوضح أحمد شريف الفرق بين الادخار والاستثمار، مؤكدًا أن الذهب ليس استثمارًا حقيقيًا بل وسيلة لحفظ القيمة، في حين أن البورصة تقدم فرصًا استثمارية ذات عائد، لكنها تتطلب وعيًا وخبرة.
الاستثمار في الإنسان أولًا
واختتمت الجلسة بكلمة من رانيا يعقوب، التي أكدت أن “أهم استثمار هو استثمار الإنسان في نفسه”، داعية إلى تعزيز ثقافة التعلم المالي والاستعانة بالخبرات المختصة لتوجيه القرارات الاستثمارية بشكل صحيح وفعّال.