تحالف رباعي عابر للقارات:
أخبار مصراتصالات

 المصرية للاتصالات وZOI وPCCW وSPARKLE يوحدون قواهم لبناء نظام الكابل البحري AAE-2 وتشكيل مستقبل الاتصالات العالمية

كتب: التقرير

في خطوة تاريخية تعكس قوة التعاون الدولي في مجال البنية التحتية الرقمية، أعلن تحالف استراتيجي يضم أربعة من أبرز مشغلي الاتصالات على مستوى العالم: المصرية للاتصالات، زين-عمانتل الدولية (ZOI)، بي سي سي دبليو جلوبال (PCCW Global)، وسباركل الإيطالية (Sparkle)، عن توقيع مذكرة تفاهم لبناء نظام الكابل البحري AAE-2، الذي سيربط ثلاث قارات في مشروع طموح يهدف إلى تعزيز البنية التحتية للاتصالات الدولية وتلبية الاحتياجات المتزايدة للاقتصاد الرقمي العالمي.

يجمع هذا التحالف الاستراتيجي بين خبرات وموارد شركات رائدة من آسيا وأفريقيا وأوروبا، في نموذج فريد للتعاون الدولي يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، ويعكس الطبيعة العالمية المتزايدة للاقتصاد الرقمي. يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على هذا التحالف الاستراتيجي، وأهدافه، وتجارب التعاون السابقة بين أعضائه، والتأثيرات المتوقعة على مستقبل الاتصال الرقمي بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.

ما وراء الربط التقني

يتجاوز مشروع AAE-2 كونه مجرد كابل بحري جديد؛ فهو يمثل محوراً استراتيجياً لـالربط الرقمي بين القارات الثلاث: آسيا وأفريقيا وأوروبا. من الناحية الجيوسياسية، يعزز المشروع مكانة الدول المشاركة كمراكز رقمية إقليمية، خاصة مصر التي تستفيد من موقعها الجغرافي كنقطة التقاء بين القارات. ويمثل الاتصال الرقمي بين آسيا وأفريقيا وأوروبا أهمية متزايدة في ظل تنامي التجارة الإلكترونية والخدمات الرقمية عبر الحدود.
من منظور اقتصادي، تشير التقديرات العالمية إلى أن حجم الاستثمار في البنية التحتية الرقمية للكابلات البحرية سيتجاوز 10 مليارات دولار سنوياً بحلول عام 2026، مع عوائد اقتصادية غير مباشرة تقدر بعشرات المليارات. وتكمن أهمية مشروع AAE-2 في قدرته على تخفيض تكاليف نقل البيانات، وتحسين موثوقية الاتصال، وتقليل زمن الاستجابة، مما ينعكس إيجاباً على [تأثير الكابلات البحرية على اقتصاد المنطقة]. وتؤكد تقارير TeleGeography المتخصصة أن الطلب على سعة الكابلات البحرية يتضاعف كل عامين تقريباً، مما يجعل هذه الاستثمارات ضرورية لمواكبة النمو المتسارع في حركة البيانات العالمية.

 من AAE-1 إلى AAE-2

لا يمثل مشروع AAE-2 بداية التعاون بين هذه الشركات، بل هو امتداد لسلسلة من المشاريع الناجحة التي أثبتت جدواها الاقتصادية والتقنية. يعد نظام الكابل البحري AAE-1، الذي تم تدشينه عام 2017، [تقرير سابق عن مشروع الكابل البحري AAE-1] أحد أبرز هذه التجارب، حيث نجح في ربط 19 دولة عبر مسار يمتد لأكثر من 25,000 كيلومتر، بسعة تصل إلى 40 تيرابت في الثانية. وقد أسهم هذا المشروع في تخفيض تكاليف الاتصالات الدولية بنسبة تقدر بـ 30% في بعض المناطق، وفتح آفاقاً جديدة للتجارة الإلكترونية والخدمات السحابية.
كما تعاونت شركة سباركل الإيطالية مع شركاء إقليميين في مشروع كابلات بلو رامان البحرية الذي يربط إيطاليا بالهند عبر مسار مبتكر، مع تطوير محطات إنزال متقدمة في صقلية وجزيرة كريت. هذا المشروع، الذي يتكامل مع AAE-2، يعزز من مرونة شبكة الاتصالات الدولية ويوفر مسارات بديلة تضمن استمرارية الخدمة في حالات الطوارئ.
من جانبها، طورت المصرية للاتصالات نظام WeConnect الذي يمثل منصة متكاملة للربط بين الكابلات البحرية المختلفة، مما يعزز من كفاءة استخدام البنية التحتية ويسهل عمليات الصيانة والتحديث. وقد أثبت هذا النظام فعاليته في تعظيم العائد الاقتصادي من استثمارات الشركة في موقع الشركة المصرية للاتصالات الكابلات البحرية، وسيلعب دوراً محورياً في تعظيم الاستفادة من مشروع AAE-2.

 الميزات والتحديات

يمتد مسار AAE-2 عبر مناطق استراتيجية تمثل محاور رئيسية للنمو الاقتصادي العالمي، بدءاً من هونج كونج وسنغافورة في شرق آسيا، مروراً بتايلاند وشبه الجزيرة العربية ومصر، وصولاً إلى إيطاليا في جنوب أوروبا. هذا المسار يتميز بتوفيره ممرات أرضية آمنة للبيانات تكمل المسارات البحرية، مما يعزز من موثوقية النظام ويقلل من مخاطر الانقطاع. ويمكن الاطلاع على المسار التفصيلي والمقارنة مع الكابلات الأخرى عبر خريطة الكابلات البحرية العالمية.
من الناحية التقنية، يتميز نظام الكابل البحري AAE-2 باستخدامه لأحدث تكنولوجيا الاتصالات البحرية، بما في ذلك تقنيات الألياف الضوئية متعددة الأطوال الموجية (DWDM) التي توفر سعات هائلة تقدر بعشرات التيرابت في الثانية. هذه السعات غير المسبوقة تجعل اقتصاديات الكابلات البحرية أكثر جدوى، حيث تنخفض تكلفة نقل البيانات مع زيادة السعة، مما يعزز من العائد على الاستثمار على المدى الطويل.
ومع ذلك، يواجه المشروع تحديات متعددة، أبرزها التكلفة الاستثمارية العالية التي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، والمخاطر الجيوسياسية المرتبطة بمرور الكابل عبر مناطق متعددة، بالإضافة إلى تحديات الأمن السيبراني المتزايدة. وتعمل الشركات المشاركة على وضع استراتيجيات متكاملة للتعامل مع هذه التحديات، بما في ذلك تنويع المسارات، وتعزيز أنظمة الحماية، والتعاون مع الحكومات المعنية لضمان الحماية القانونية والأمنية للمشروع.

المصرية للاتصالات: البوابة الإفريقية للاتصالات العالمية

تلعب المصرية للاتصالات دوراً محورياً في المشروع، مستفيدة من موقع مصر الاستراتيجي كنقطة التقاء بين القارات الثلاث. وعززت الشركة من [دور مصر كمركز إقليمي للاتصالات الدولية] من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية، حيث تمتلك حصصاً في أكثر من 15 كابلاً بحرياً دولياً. وتمثل مشاركتها في AAE-2 امتداداً لاستراتيجيتها في تعزيز مكانة مصر كمركز رقمي إقليمي، مع ما يصاحب ذلك من عوائد اقتصادية مباشرة (رسوم العبور والصيانة) وغير مباشرة (جذب الاستثمارات في مراكز البيانات والخدمات السحابية).

 استراتيجية التوسع الخليجي

تمثل مشاركة زين-عمانتل الدولية (ZOI) في المشروع جزءاً من استراتيجية توسعية طموحة تهدف إلى تعزيز مكانة الشركة كلاعب إقليمي رئيسي في مجال الاتصالات. وتستفيد الشركة من موقع سلطنة عمان الاستراتيجي على بحر العرب، مما يجعلها بوابة مثالية للربط بين آسيا والشرق الأوسط. وقد أكد سُهيل قادر، الرئيس التنفيذي للشركة، على أهمية المشروع في تعزيز دور ZOI كمعبر رقمي بين القارات الثلاث، مع التركيز على توفير مسارات متوافقة مع متطلبات الذكاء الاصطناعي. يمكن الاطلاع على المزيد من التفاصيل حول استراتيجية الشركة عبر موقع شركة زين-عمانتل الدولية.

 الخبرة الآسيوية والتوسع العالمي

تضيف بي سي سي دبليو جلوبال (PCCW Global) بعداً آسيوياً قوياً للتحالف، مستفيدة من خبرتها الواسعة في مشاريع الكابلات البحرية، بما في ذلك دورها البارز في نجاح AAE-1. وتمثل مشاركتها في AAE-2 جزءاً من استراتيجية الصين لتعزيز مبادرة “الحزام والطريق الرقمي”، التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية الرقمية على المستوى العالمي. وقد أكد فريدريك تشوي، الرئيس التنفيذي للشركة، على التزام PCCW بإتاحة اتصال مرن وآمن وقابل للتوسع بين الأسواق الرئيسية، مما يعزز النمو الرقمي المستقبلي. للمزيد من المعلومات حول مشاريع الشركة، يمكن زيارة موقع شركة بي سي سي دبليو جلوبال.

 البوابة الأوروبية والاستراتيجية المتوسطية

تكمل سباركل الإيطالية (Sparkle) التحالف بتوفيرها نقطة الوصول الأوروبية للمشروع، مستفيدة من موقع إيطاليا الاستراتيجي في البحر المتوسط. وتتماشى مشاركتها في AAE-2 مع استراتيجيتها طويلة الأمد لتعزيز الاتصال بين القارات الثلاث من خلال زيادة تنوع المسارات. وقد استثمرت الشركة بكثافة في تطوير محطات إنزال متقدمة في صقلية وكريت، بالإضافة إلى إنشاء منصة إنزال بحرية جديدة في جنوة. يمكن معرفة المزيد عن مشاريع الشركة عبر موقع شركة سباركل.

 ما بعد البنية التحتية

يتجاوز التأثير الاقتصادي لمشروع AAE-2 مجرد تحسين البنية التحتية للاتصالات، ليشمل تأثيرات عميقة على الخدمات السحابية ونقل المحتوى والاقتصاد الرقمي بشكل عام. فمع توفير سعات أكبر وزمن استجابة أقل، ستتمكن شركات التكنولوجيا من توسيع نطاق خدماتها السحابية في المناطق النامية، مما يسهم في تسريع التحول الرقمي العالمي ويفتح أسواقاً جديدة. وتشير [تحليل لاستثمارات البنية التحتية الرقمية في الشرق الأوسط] إلى أن تحسين البنية التحتية للاتصالات يمكن أن يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 1.5% سنوياً في بعض الاقتصادات النامية.
كما سيلعب المشروع دوراً محورياً في دعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للاتصالات، التي تتطلب نقل كميات هائلة من البيانات بسرعة وموثوقية عالية. وقد أشار سُهيل قادر، الرئيس التنفيذي لشركة ZOI، إلى أهمية توفير مسارات متوافقة مع متطلبات الذكاء الاصطناعي، مما يعكس الدور المتزايد لهذه التقنيات في تشكيل مستقبل الاقتصاد الرقمي.
على المستوى الإقليمي، يفتح المشروع فرصاً استثمارية وتنموية كبيرة في الدول المشاركة، خاصة في مجالات مراكز البيانات، والخدمات السحابية، وصناعة المحتوى الرقمي. وتشير [تقرير عن التعاون السابق بين شركات الاتصالات العالمية] إلى أن مشاريع الكابلات البحرية السابقة قد أسهمت في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بمليارات الدولارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الدول المشاركة.

“AAE-2” نموذج للتعاون الاقتصادي العابر للقارات

يمثل مشروع الكابل البحري AAE-2 نموذجاً متميزاً للتعاون الاقتصادي العابر للقارات، حيث يجمع بين شركات من آسيا وأفريقيا وأوروبا في مشروع استراتيجي يعود بالنفع على جميع الأطراف. ويعكس هذا التعاون الطبيعة العالمية المتزايدة للاقتصاد الرقمي، والحاجة إلى تضافر الجهود لمواجهة التحديات المشتركة.
مع استمرار النمو المتسارع في حجم البيانات العالمية، وظهور تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، ستزداد أهمية البنية التحتية للاتصالات الدولية كعامل محوري في النمو الاقتصادي العالمي. وسيمثل مشروع AAE-2 لبنة أساسية في هذه البنية، مسهماً في تشكيل مستقبل الاقتصاد الرقمي العالمي لسنوات قادمة.