كتب: التقرير
في ليلة صيفية حارة، تحول مبنى سنترال رمسيس التاريخي، شريان الاتصالات الرئيسي في مصر، إلى كتلة من اللهب والدخان، ملقيًا بظلاله على العاصمة المصرية ومسببًا شللاً رقميًا غير مسبوق. بدأت القصة في الطابق السابع، حيث اندلعت شرارة صغيرة سرعان ما تحولت إلى حريق هائل، التهم الأدوار العليا للمبنى بسرعة مخيفة، وأرسل سحب الدخان الأسود لتغطي سماء وسط القاهرة.
هرعت سيارات الإطفاء، تتبعها سيارات الإسعاف، إلى موقع الحادث، في سباق مع الزمن للسيطرة على النيران ومنع كارثة أكبر. عمل رجال الإطفاء لساعات طويلة، مستخدمين السلالم الهيدروليكية وخراطيم المياه، بينما كانت ألسنة اللهب تتراقص في السماء، تعكسها زجاج المباني المجاورة. تم إخلاء المبنى بالكامل، ونقل المصابون بالاختناق والحروق إلى المستشفيات، في مشهد يعكس حجم الكارثة.
لم تكن الخسائر مادية فقط، فسرعان ما بدأت تداعيات الحريق تظهر على شبكة الاتصالات المصرية. تعطلت خدمات الإنترنت والهاتف الأرضي والمحمول في مناطق واسعة من القاهرة والجيزة، وتأثرت تطبيقات حيوية مثل “إنستا باي”، مما أحدث ارتباكًا وشللاً في المعاملات اليومية. حتى أنظمة حجز تذاكر القطارات لم تسلم من هذا الشلل الرقمي.
بينما كانت فرق الإطفاء تواصل جهودها للسيطرة على الحريق، بدأت الأجهزة الأمنية والنيابة العامة تحقيقاتها لمعرفة سبب اندلاع النيران. تشير التحقيقات الأولية إلى أن ماسًا كهربائيًا قد يكون السبب، لكن التحقيقات لا تزال جارية لكشف الملابسات الكاملة.
أثار هذا الحادث تساؤلات حول مدى جاهزية البنية التحتية للاتصالات في مصر لمواجهة مثل هذه الطوارئ. فسنترال رمسيس، الذي يعود تاريخه إلى عام 1927، يُعد نقطة محورية في شبكة الاتصالات، ويعتمد عليه ملايين المصريين في حياتهم اليومية. ومع استمرار الجهود لاستعادة الخدمات المتأثرة، يبقى السؤال الأهم: هل ستدفع هذه الكارثة إلى إعادة التفكير في استراتيجية الاتصالات في مصر، والبحث عن بدائل تضمن استمرارية الخدمات في مواجهة أي تحديات مستقبلية؟