أخبار مصراتصالات

 شركات الاتصالات في الشرق الأوسط وإفريقيا تتبنى الشبكات ذاتية التشغيل والذكاء الاصطناعي

كتب: التقرير

كشفت دراسة استطلاعية حديثة أجرتها شركتا “نوكيا” و”أومديا” عن تحول محوري في قطاع الاتصالات بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث تتجه شركات الاتصالات بخطى ثابتة نحو تبني الشبكات ذاتية التشغيل (Self-Organizing Networks – SON) وتكامل الذكاء الاصطناعي (AI) في عملياتها. هذه الدراسة، التي صدرت في 8 مايو 2025، تسلط الضوء على استعداد المنطقة لتبني أحدث التقنيات لتعزيز الكفاءة التشغيلية، وتحسين تجربة العملاء، وتوليد مصادر دخل جديدة. [1]

تُظهر النتائج أن ما يقرب من 65% من المؤسسات في الشرق الأوسط وإفريقيا قد بدأت بالفعل في مبادرات أتمتة متنوعة، مع وجود خطط واضحة للسنوات الثلاث المقبلة. كما أن أكثر من 55% من المشاركين في الدراسة يرون أن الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) يمتلك إمكانات هائلة لحل التحديات المعقدة التي تواجه الشبكات. هذا التوجه لا يعكس فقط التزام المنطقة بمواكبة التطورات العالمية، بل يؤكد أيضًا ريادتها في تبني حلول مبتكرة لمواجهة التحديات المتزايدة في إدارة الشبكات وتلبية الطلب المتنامي على الخدمات الرقمية.  

شبكات أكثر رشاقة

تُظهر الدراسة أن مشغلي الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا يتبنون بشكل متزايد أفضل الممارسات العالمية في أتمتة الشبكات، مدفوعين بالرغبة في خفض النفقات التشغيلية، وتحسين رضا العملاء، وضمان تقديم خدمات ثابتة ومتطورة. وعلى الرغم من وجود بعض الفجوات في البنية التحتية والمهارات، فإن المنطقة تُحرز تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال. 
وجاءت أبرز النتائج المتعلقة بمسيرة الأتمتة:
تتبع التقدم: نحو 65% من شركات الاتصالات في المنطقة تلتزم بتتبع التقدم المحرز في مبادرات الأتمتة باستخدام مقاييس ومؤشرات أداء رئيسية محددة بدقة، مما يدل على نهج منهجي وموجه نحو النتائج.
زخم قوي: شهدت المنطقة زخمًا قويًا في أتمتة الشبكات، حيث أفاد المشاركون بتحقيق مستويات أعلى من الأتمتة مقارنة بالمتوسط العالمي، بنسبة تقارب 16% على امتداد جميع النطاقات الشبكية اليوم.
خطط مستقبلية: 65% من المؤسسات في الشرق الأوسط وإفريقيا قد شرعت في مبادرات أتمتة متنوعة، ولديها خريطة طريق واضحة للسنوات الثلاث المقبلة، مما يؤكد التزامها بالتحول الرقمي.
توقعات النمو: تتوقع شركات الاتصالات في المنطقة تحقيق مستويات نضج أعلى بنحو 21% في أتمتة الشبكات، مقارنة بنظيراتها من الشركات العالمية خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يشير إلى طموح كبير ونمو متسارع.
هذه الأرقام تؤكد أن منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ليست مجرد متلقٍ للتقنيات الجديدة، بل هي لاعب رئيسي في تبني وتطوير حلول الأتمتة، مما يضعها في طليعة التحول نحو الشبكات ذاتية التشغيل.

حلول مبتكرة لتحديات الشبكات

تُواجه شركات الاتصالات في الشرق الأوسط وإفريقيا تعقيدات متزايدة في إدارة الشبكات واسعة النطاق ومتعددة التقنيات، خاصة مع التوسع في قاعدة مستخدمي الهواتف المحمولة، والاعتماد المتزايد على تقنيات الجيل الخامس (5G)، والطلب المتنامي على الرقمنة. وتُشير الدراسة إلى أن العمليات اليدوية، وتجزؤ الأدوات، ونقص المهارات تُمثل تحديات رئيسية تُعيق جهود الأتمتة.
في هذا السياق، يبرز الذكاء الاصطناعي التوليدي كأداة قوية لمعالجة هذه التحديات. وقد وجدت الدراسة أن:
حل التحديات: أكثر من 55% من المشاركين في الدراسة يرون أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل أداة فعالة لحل التحديات الشبكية المعقدة.
تحويل النوايا إلى إجراءات: 35% من المشاركين يرون إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحويل النوايا إلى إجراءات عملية في المستقبل القريب، مما يعكس قدرته على تسريع تنفيذ المهام وتحسين الكفاءة.
البحث في الوثائق: نسبة صغيرة (4%) ترى إمكانية استخدامه للبحث في الوثائق الفنية (مثل الأدلة الإرشادية) لتقديم إجابات أكثر دقة لمشاكل الشبكات، مما يُسهم في تسريع عملية استكشاف الأخطاء وإصلاحها.
تُصمم حلول نوكيا السحابية القائمة على الذكاء الاصطناعي لتبسيط العمليات، وتسريع طرح المنتجات في الأسواق، وتحسين جودة الخدمات الشاملة، مما يؤكد الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في مستقبل قطاع الاتصالات.

رؤى الخبراء: تحديات وفرص في مسيرة الأتمتة

قدم خبراء الصناعة رؤى قيمة حول التحديات والفرص التي تواجه شركات الاتصالات في رحلتها نحو الأتمتة والشبكات ذاتية التشغيل.
جيمس كراوشو، رئيس قطاع الاتصالات لدى شركة “أومديا”، أشار إلى أن مشغلي خدمات الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا يرون أن أكثر المجالات تعرضًا للأتمتة تشمل “شبكات التقارب الأساسية ونقل البيانات عبر بروتوكول الإنترنت وتقنية التبديل متعدد البروتوكولات باستخدام الملصقات (IP/MPLS).
في المقابل، تظل شبكات الوصول “المجال الأقل تطورًا” في هذا الصدد. وأكد كراوشو أن: الإرتقاء بتجربة العملاء وتحسين القدرة على اكتشاف الأخطاء من أهم العوامل الدافعة للأتمتة.
ومع ذلك، حذر من أن “الأمن يُمثل مصدر قلق متزايد، إذ يعتبره ثلث مقدمي خدمات الاتصالات عائقًا رئيسيًا أمام الأتمتة”. ورغم هذه التحديات، فإن “نصفهم تقريبًا، يعكف بنشاط، على تطوير استراتيجيات أتمتة شاملة.
من ناحيتها أوضحت سمر ميتال، نائب الرئيس ورئيس الخدمات السحابية والشبكات في نوكيا الشرق الأوسط وإفريقيا، أن نتائج الدراسة تؤكد حرص مزودي خدمات الاتصالات في الشرق الأوسط وإفريقيا على دمج الأتمتة والذكاء الاصطناعي في عمليات شبكاتهم، مشيرة إلى أنهم “يحققون تقدمًا كبيرًا مقارنة بمناطق أخرى من العالم.
وأضافت ميتال: تؤكد هذه النتائج دقة رؤيتنا في نوكيا، المتمثلة ببناء شبكات ‘تستشعر وتفكر وتتصرف’، وهي شبكات يمكنها توقع الاحتياجات وحل المشكلات قبل ظهورها، والعمل على التحسين المستمر للوصول إلى أقصى مستويات الأداء.
تُبرز هذه التصريحات التوازن بين التفاؤل بالتطورات التكنولوجية والحذر من التحديات الأمنية والتشغيلية، مما يؤكد الحاجة إلى استراتيجيات متكاملة لضمان نجاح التحول الرقمي.

تحسين استخدام الموارد وحلول نوكيا المتكاملة

برزت مسألة تحسين استخدام الموارد كأبرز النتائج التشغيلية التي يتوقع مزودو خدمات الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا الحصول عليها من أتمتة الشبكات، وهي نتيجة تتماشى مع التوجهات العالمية. تُمكّن الأتمتة مشغلي الاتصالات من تخصيص سعة الشبكة ديناميكيًا بناءً على الطلب اللحظي، مما يُقلل من الإفراط في التزويد المُكلف للسعات. كما تُتيح إيقاف تشغيل عناصر الشبكة غير المُستغلة بالكامل خلال فترات انخفاض الحركة، مما يُؤدي إلى خفض استهلاك الطاقة وتحسين الكفاءة التشغيلية.
وفي هذا السياق، تقدم شركة “نوكيا” مجموعة كاملة من حلول الأتمتة الشاملة التي تغطي جميع المجالات. وتضم محفظة نوكيا من حلول الشبكات ذاتية التشغيل منتجات مثل مركز العمليات الرقمية (Digital Operations Center)، وباقة البيانات (Data Suite)، والحل “نت غارد سايبردوم” (Netguard Cyberdome).
تستخدم هذه الحلول تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والذكاء الاصطناعي الوكيل لمساعدة مقدمي خدمات الاتصالات على ربط البيانات من مصادر مختلفة، وتقديم الخدمات بطريقة أكثر أتمتة وكفاءة، وتأمين الشبكة.
تُعد هذه الحلول حجر الزاوية في تمكين شركات الاتصالات من تحقيق أقصى استفادة من استثماراتها في البنية التحتية، مع ضمان تقديم خدمات عالية الجودة ومستدامة.

منهجية التقرير ونبذة عن نوكيا

جُمعت بيانات هذا التقرير من خلال استطلاع أجرته شركة “أومديا” شمل 45 مشاركًا من شركات الاتصالات في تسع دول بالشرق الأوسط وإفريقيا. شمل المشاركون العاملين في مجالات التخطيط والهندسة الشبكية، وعمليات الشبكات، والبحث والتطوير، بينهم من يشغلون مناصب الرئيس التنفيذي للتقنية والرئيس التنفيذي للمعلومات.

نبذة عن “نوكيا”

في “نوكيا”، تبتكر الشركة تقنيات تساعد العالم على تحقيق التعاون والإنجازات المشتركة. باعتبارها شركة رائدة في مجال الابتكار التقني، تتصدر نوكيا العمل في مجال الشبكات القادرة على الاستشعار والتفكير والتصرف، مستفيدة من عملها في مجالات شبكات الاتصالات المحمولة والثابتة والشبكات السحابية. كما تحرص على إضفاء مزيد من القيمة على خدماتها من خلال الملكية الفكرية والأبحاث طويلة المدى، مستعينة بمختبرات “نوكيا بيل لابس” (Nokia Bell Labs) الحائزة على الجوائز، والتي تحتفي بمئة عام من الابتكار المتواصل.
تتيح شبكات نوكيا عالية الأداء فرصًا جديدة لتحقيق الدخل والتوسع، بفضل بنيتها المفتوحة بالكامل والقابلة للاندماج بسلاسة في أية منظومة. ويثق مقدمو الخدمات والمؤسسات والشركاء حول العالم بنوكيا في تقديمها شبكات آمنة ومستدامة وموثوق بها، ويعملون معها على ابتكار الخدمات والتطبيقات الرقمية للمستقبل.

الخلاصة والآفاق المستقبلية

تُشير الدراسة التي أجرتها “نوكيا” و”أومديا” بوضوح إلى أن قطاع الاتصالات في الشرق الأوسط وإفريقيا يقف على أعتاب ثورة رقمية مدفوعة بالأتمتة والذكاء الاصطناعي.
إن التزام شركات الاتصالات في المنطقة بتبني هذه التقنيات لا يعزز فقط من كفاءتها التشغيلية وقدرتها على تلبية الطلب المتزايد، بل يضعها أيضًا في موقع ريادي على الساحة العالمية.
ومع استمرار التطورات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي والشبكات ذاتية التشغيل، من المتوقع أن تشهد المنطقة نموًا غير مسبوق في جودة الخدمات وتنوعها، مما يعود بالنفع على المستهلكين والشركات على حد سواء.
إن التحديات القائمة، مثل الأمن ونقص المهارات، تتطلب استراتيجيات متكاملة وتعاونًا مستمرًا بين جميع الأطراف المعنية لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه التحولات التكنولوجية. ومع ذلك، فإن الإرادة الواضحة للتحول والتقدم التي أظهرتها الدراسة تُبشر بمستقبل مشرق لقطاع الاتصالات في الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث ستكون الشبكات أكثر ذكاءً، وأكثر كفاءة، وأكثر قدرة على التكيف مع متطلبات العصر الرقمي.