في عالم تتسارع فيه التحولات التكنولوجية وتتصاعد فيه المنافسة الاقتصادية، لم يعد التعليم مجرد نظام تقليدي يمنح الشهادات، بل أصبح استثمارًا استراتيجيًا في المستقبل، وأداة حاسمة لصناعة رأس مال بشري قادر على قيادة التنمية. هذا ما شددت عليه الدكتورة عبير عطالله، خبيرة الإدارة والأعمال، مؤكدة أن الدول التي تضع التعليم في صدارة أولوياتها، هي وحدها القادرة على تحقيق نهضة حقيقية ومستدامة.
■ التعليم… خدمة اجتماعية وقوة اقتصادية
ترى الدكتورة عبير عطالله أن النظرة التقليدية للتعليم بوصفه “خدمة” اجتماعية يجب أن تتغير، فالتعليم النوعي اليوم يُعد محرّكًا اقتصاديًا يعزز الإنتاجية والابتكار والتنافسية. وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن:
كل سنة إضافية من التعليم قد ترفع دخل الفرد بنسبة 8–10%.
متوسط التعليم إذا ارتفع بسنة واحدة، يمكن أن يدفع الناتج المحلي الإجمالي للنمو بمعدل يصل إلى 0.37% سنويًا.
هذه الأرقام تعكس بوضوح أن التعليم لم يعد مجرد إنفاق حكومي، بل هو عائد استثماري يعود بالنفع المباشر على الاقتصاد الوطني.
■ نماذج عالمية نجحت بالتعليم… لا بالموارد
أشارت عطالله إلى تجارب ملهمة مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية، وهما دولتان تفتقران إلى الموارد الطبيعية، لكنهما حققتا تقدمًا اقتصاديًا هائلًا عبر الاستثمار المكثف في التعليم والتدريب والبحث العلمي.
■ رأس المال البشري… الثروة الحقيقية للأمم
أكدت الدكتورة عطالله أن المعادلة الجديدة للتنمية لم تعد تقاس بالنفط أو الثروات، بل بقدرات الأفراد على التعلم المستمر، والإبداع، ومواكبة التغير. فالأمم التي تراهن على الإنسان، تراهن على ثروة لا تنضب.
“الدول التي لا تبني أجيالًا قادرة على المنافسة في سوق العمل العالمي، تحكم على نفسها بالتأخر لعقود”.
■ التعليم والاقتصاد المعرفي: عصر جديد من الفرص
مع تحول الاقتصاد العالمي إلى اقتصاد معرفي يعتمد على التكنولوجيا والابتكار، أصبح التعليم النوعي ضرورة استراتيجية لا يمكن تجاهلها. فاليوم:
الوظائف التقليدية تتراجع.
■ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التعليم
شددت عطالله على ضرورة دمج التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في المؤسسات التعليمية، ليس فقط كأدوات تدريس، بل كبيئة تعلم تفاعلية تبني قدرات التفكير والتحليل لدى الطلاب، وتؤهلهم لسوق عمل سريع التغيّر.
التعليم… المشروع الوطني الأكبر
اختتمت عبير عطالله رسالتها بالتأكيد على أن الاستثمار في التعليم هو الضمان الحقيقي للنهضة. فالدول التي لا تجعل من التعليم مشروعًا وطنيًا تتأهب لمستقبل غير قابل للمساومة، تخاطر بأن تظل في مؤخرة سباق الأمم.
“التعليم ليس كلفة… بل هو أكبر استثمار يمكن أن تقوم به دولة من أجل مستقبلها”

