تشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر والإمارات مرحلة جديدة من التطور مع اقتراب البلدين من توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA)، التي تمثل نموذجاً متقدماً للتكامل الاقتصادي العربي القائم على الاستثمار والصناعة والتكنولوجيا.
انطلقت المفاوضات الرسمية حول الاتفاقية في يوليو 2024 خلال اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة المصرية–الإماراتية، برئاسة المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، وعبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد الإماراتي. وتهدف الاتفاقية إلى تحرير التجارة في السلع والخدمات، وتعزيز الاستثمارات المشتركة، وتطوير التعاون في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي والطاقة النظيفة.
وأكد الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية المصري، في تصريحات حديثة أن القضايا الفنية المتبقية محدودة، وأن الاتفاقية “تمثل نقلة نوعية في التعاون العربي المشترك”، متوقعاً استكمال التوقيع الرسمي خلال عام 2026.
ومن الجانب المصري، يتولى إدارة الملف كل من المهندس كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والنقل، إلى جانب رؤساء هيئات اقتصادية رئيسية مثل الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (GAFI) وجهاز التمثيل التجاري المصري وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات، في تنسيق مشترك مع الوزارات المعنية بالمالية والاتصالات والتخطيط.
وتشمل الاتفاقية خمس ركائز رئيسية: تحرير التجارة، وتشجيع الاستثمار، والتكامل الصناعي، والتجارة الرقمية، والتعاون في الأمن الغذائي، كما تستهدف مضاعفة حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 10 مليارات دولار سنوياً خلال خمس سنوات.
ورغم التقدّم المحرز، تواجه CEPA عدداً من التحديات الفنية والتنظيمية، أبرزها الحاجة إلى توحيد التشريعات الجمركية والاستثمارية، وتطوير البنية التحتية اللوجستية، ومعالجة التفاوت التجاري الحالي لصالح الإمارات. كما يرى بعض الخبراء أن تفعيل الاتفاقية يتطلب آلية متابعة تنفيذية مشتركة تضمن سرعة تطبيق بنودها وتحديثها بما يتوافق مع التحولات الرقمية في التجارة العالمية.
التحول الرقمي والاستثمار التكنولوجي في قلب الشراكة
من المتوقع أن تُحدث اتفاقية CEPA المصرية الإماراتية نقلة نوعية في مسار التحول الرقمي والاقتصاد القائم على الابتكار، إذ تتضمن الاتفاقية بنوداً لتسهيل الاستثمار في التكنولوجيا المالية (FinTech)، وتطوير المدن الذكية والبنية السحابية، وتمكين الشركات الناشئة من النفاذ للأسواق الإقليمية. كما يُتوقع أن تُسهم في جذب استثمارات إماراتية مباشرة في قطاعات الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة والتجارة الإلكترونية، ما يعزز موقع مصر كمركز إقليمي للتقنيات الحديثة في إفريقيا والشرق الأوسط.

