الصحافة الاوروبية في مواجهة الخوارزميات
أخبار مصرخارجي

الاتحاد الأوروبي يفتح تحقيقاً في جوجل بعد تجارب تقليص ظهور الأخبار للمستخدمين

كتب: التقرير

تشهد الساحة الإعلامية في أوروبا تصعيداً جديداً بين الاتحاد الأوروبي وشركة جوجل، بعد أن أعلنت المفوضية الأوروبية فتح تحقيق رسمي في سياسات الشركة المتعلقة بترتيب المحتوى الإخباري في محرك البحث وخدمات الأخبار التابعة لها.

التحقيق جاء على خلفية اختبارات أجرتها جوجل خلال الأسابيع الماضية في عدد من الدول الأوروبية، قلّصت فيها ظهور الأخبار الصادرة عن ناشرين أوروبيين داخل نتائج البحث ومنصة “ديسكفر”، وهو ما أثار مخاوف واسعة من تأثير هذه الخطوات على مستقبل الصحافة الرقمية واستدامة المؤسسات الإعلامية المحلية.

وفقاً لمصادر أوروبية، فإن الاختبارات التي نفذتها جوجل شملت دولاً مثل بلجيكا وإيطاليا وهولندا وبولندا واليونان، واستهدفت نحو واحد في المئة فقط من المستخدمين في تلك المناطق.

ورغم أن النسبة تبدو محدودة من الناحية التقنية، فإنها عكست مدى قوة تأثير الشركة في تشكيل أنماط الوصول إلى الأخبار داخل القارة، باعتبارها البوابة الرقمية الأكبر للمحتوى الإعلامي في العالم.

تشير البيانات المتاحة إلى أن عدداً من المواقع الإخبارية شهد تراجعاً واضحاً في الزيارات خلال فترة التجربة، وهو ما انعكس بدوره على معدلات الإعلانات والإيرادات الرقمية.

ويرى مراقبون أن المشكلة لا تتعلق فقط بنسبة الظهور، بل في غياب الشفافية حول آلية اتخاذ القرار داخل أنظمة البحث وترتيب الصفحات، حيث تعتمد جوجل على خوارزميات معقدة تتحكم في تحديد ما يراه المستخدم أولاً.

وتثير هذه التطورات قلقاً متزايداً لدى مؤسسات النشر الأوروبية التي تعتمد بشكل أساسي على حركة المرور القادمة من محركات البحث كمصدر رئيسي للقراء والإعلانات.

ويرى محللون أن أي تغييرات غير متوقعة في سياسات المنصات الكبرى قد تؤثر مباشرة على قدرة الصحف الرقمية على البقاء والاستمرار، خصوصاً مع اشتداد المنافسة في سوق الإعلانات عبر الإنترنت.

في المقابل، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز تطبيق قانون الأسواق الرقمية (Digital Markets Act) لضمان ممارسات أكثر عدلاً بين الشركات التقنية العملاقة ومقدمي المحتوى.

ويؤكد مراقبون في بروكسل أن القضية لم تعد تتعلق فقط بترتيب نتائج البحث، بل تمس مبدأ الوصول المتكافئ للمعلومة وحرية الصحافة في البيئة الرقمية الحديثة.

ويأتي هذا التحقيق في سياق أوسع من المواجهات التنظيمية بين بروكسل والمنصات الرقمية الكبرى، حيث سبق أن فرضت السلطات الأوروبية غرامات ضخمة على جوجل بسبب سياسات الإعلانات وحقوق الناشرين في فرنسا وألمانيا.
ويُتوقع أن تشكل نتائج التحقيق الحالي اختباراً حقيقياً لمدى التزام الشركات التقنية بالقواعد الجديدة التي تضعها أوروبا لضمان بيئة رقمية أكثر توازناً وشفافية.

في النهاية، يسلّط هذا الملف الضوء على معضلة أساسية تواجه الإعلام العالمي اليوم: من يملك حق التحكم في الوصول إلى الأخبار؟
فبينما تسعى المنصات الكبرى إلى تحسين تجارب المستخدمين، يرى الأوروبيون أن حرية الصحافة لا يمكن أن تبقى رهينة خوارزمية تحدد ما يظهر وما يُخفى، وأن مستقبل الإعلام الرقمي يتطلب شراكة عادلة بين شركات التكنولوجيا والناشرين لضمان استمرار تدفق المعلومة بحرية وتوازن.