شهدت قوائم المحتوى الرائج لـ YouTube في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) لعام 2025 تحولات لافتة تعكس تداخلاً فريداً بين القصص الإنسانية المحلية، التكنولوجيا المتقدمة، والهوس بالثقافة الشعبية العالمية. يكشف هذا التحليل الحصري، بمناسبة الذكرى الـ 20 لتأسيس المنصة، عن ثلاث ركائز رئيسية قادت الاهتمام الإقليمي، مما يوفر رؤى قيّمة للمعلنين وصناع المحتوى والمهتمين بالتوجهات الرقمية.
“أبو راني” من غزة يتصدر المشهد
تؤكد قوائم 2025 على قوة القصة الحقيقية والتواصل العاطفي المباشر.
الظاهرة احتل صانع المحتوى الفلسطيني أبو راني، المقيم في غزة، المرتبة الأولى إقليمياً والثانية عالمياً بعد Mr. Beast. هذا الإنجاز غير المسبوق يشير إلى أن الجمهور يتجه نحو محتوى صادق وعفوي يوثق تفاصيل الحياة اليومية (Daily Vlogs) بعيداً عن الإنتاج الضخم.
الدلالة الاقتصادية يبرز هذا التوجه أهمية صناع المحتوى المحليين الذين يمثلون أصوات مجتمعاتهم. نجاح أبو راني (8.6 مليون مشترك) وزميله صخر (4.3 مليون مشترك) من غزة، يؤكد على أن الأصالة هي العملة الأقوى في اقتصاد المحتوى حالياً، وتجذب اهتماماً عالمياً وإقليمياً يفوق حتى بعض القنوات الترفيهية العريقة.
الذكاء الاصطناعي يتصدر القضايا التكنولوجية
لأول مرة منذ 5 سنوات، يظهر صانع محتوى تقني ضمن القائمة العليا، مما يبرز الاهتمام المتزايد بالتقنيات المتقدمة.
-
التحول التقني: تصدّر موضوع الذكاء الاصطناعي (AI) قائمة المواضيع الرائجة، مدعوماً بإصدارات أدوات توليد الصور والفيديوهات الجديدة مثل Veo 3 و Nano Banana. هذا يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد موضوع أكاديمي بل أصبح جزءاً من الثقافة الرقمية اليومية.
-
نجوم التقنية: دخول فيصل السيف (UTD Saudi) إلى قائمة أفضل عشرة صنّاع محتوى يعكس حاجة الجمهور إلى تحليلات شاملة وجذابة باللغة العربية لأحدث الأجهزة والتطورات التقنية. إنه دليل على أن المحتوى التقني عالي الجودة والموثوقية يحظى بطلب كبير ويدخل دائرة الترفيه.
-
الـ “Brainrot”: حتى الميمز (Memes) أصبحت مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، حيث ظهرت سلسلة “Brainrot” العبثية، مما يؤكد تغلغل أدوات الذكاء الاصطناعي في جوانب المحتوى الترفيهي الخفيف.
الترفيه الآسيوي يتغلغل بقوة
تظهر القوائم استمرار الهيمنة للثقافة الآسيوية، سواء في المسلسلات التلفزيونية أو الأنمي.
-
الأنمي يستمر: أظهر مسلسل الأنمي الكروي “Blue Lock” زيادة في الاهتمام بعد نهاية موسمه الثاني، مما يمهد لنجاح موسمه الثالث القادم. هذا يرسخ مكانة الأنمي كقوة ثقافية لا يمكن تجاهلها في المنطقة.
-
إرث الدراما: عاد مسلسل “Squid Game” ليؤكد مكانته كظاهرة عالمية مع طرح موسمه الثالث والأخير، مما يولد محتوى كثيفاً من ردود الفعل والتحليل.
-
الألعاب الهادئة: لم يقتصر الأمر على الأنمي والأفلام، بل شمل الألعاب الهادئة مثل محاكاة الزراعة “Grow a Garden” على منصة Roblox، مما يدل على تنوع اهتمامات الجمهور بين المحتوى المثير والمهدئ.
رؤية استراتيجية
تُظهر قوائم YouTube لعام 2025 أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أصبحت سوقاً رقمياً متطوراً يتميز بما يلي:
-
الأولوية للأصالة: المحتوى الحقيقي والمحلي هو الأكثر تأثيراً، متجاوزاً قيمة الإنتاج العالية. يجب على العلامات التجارية دمج صانعي المحتوى المحليين والقصص الإنسانية.
-
الوعي التقني: الذكاء الاصطناعي هو نقطة نقاش جماهيرية واسعة، ويتطلب محتوى تقني مبسط وجذاب.
-
التقاطع الثقافي: استمرار الهوس بالترفيه العالمي (الأنمي، الدراما الكورية) جنباً إلى جنب مع الاحتفاء بالمناسبات المحلية الرئيسية (رمضان 2025، عيد الأضحى).
نصيحة للمواقع الاقتصادية/التقنية: يجب التركيز في 2026 على تحليل العلاقة بين الاستثمار في أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة (Veo 3, Nano Banana) وبين تحسين جودة الإنتاج وسرعة النشر لصناع المحتوى الصاعدين مثل أبو راني لزيادة نموهم.
