أخبار مصربنوك

في أبوظبي.. كلمة محورية لمحافظ البنك المركزي المصري حول تحولات الاستقرار المالي في المنطقة والعالم

كتب: التقرير

شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي انعقاد الاجتماع السنوي العشرين رفيع المستوى حول الاستقرار المالي والأولويات الرقابية والإشرافية، وهو أحد أهم الفعاليات الإقليمية التي ينظمها صندوق النقد العربي بالتعاون مع معهد الاستقرار المالي (FSI) ولجنة بازل للرقابة المصرفية التابعة لبنك التسويات الدولية. وفي هذا السياق، ألقى السيد حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، الكلمة الرئيسية أمام نخبة من صناع القرار والخبراء الدوليين.

جاءت الجلسة الافتتاحية بحضور رفيع المستوى تقدّمه خالد محمد بالعمى محافظ مصرف الإمارات المركزي، والدكتور فهد بن محمد التركي المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، وفرناندو ريستوي رئيس معهد الاستقرار المالي، ونيل إيشو أمين عام لجنة بازل، إلى جانب محافظي البنوك المركزية من دول عربية عدّة بينها البحرين وتونس وفلسطين ولبنان، إضافة إلى عدد كبير من المتخصصين في الرقابة المصرفية وإدارة المخاطر.

منذ اللحظات الأولى لكلمته، وضع محافظ البنك المركزي المصري الحضور أمام صورة شاملة لطبيعة المرحلة التي يمر بها الاقتصاد العالمي، واصفًا إياها بـ المرحلة الانتقالية المعقدة التي تتداخل فيها عوامل عدة، أبرزها ارتفاع معدلات التضخم، وتقلّبات السيولة، والتغيرات الجيوسياسية المتسارعة. وأكد أن هذه التحديات تتخذ بعدًا أكثر حدة في المنطقة العربية بفعل ارتفاع الدين العام وتقلبات أسعار الصرف والنفط، وما يترتب على ذلك من تأثيرات مباشرة على المالية العامة وثقة المستثمرين.

وانتقل المحافظ إلى تناول الدور المتصاعد للبنوك المركزية في ظل هذه الظروف، موضحًا أنها باتت مطالَبة ليس فقط بحماية الاستقرار النقدي، بل أيضًا بتعزيز قدرة الأنظمة المالية على الصمود وبناء هياكل أكثر مرونة تسمح بامتصاص الصدمات غير المتوقعة. وأشار إلى أن تحقيق النمو المستدام أصبح مرتبطًا إلى حد كبير بمدى قدرة الدول على تطوير أدوات رقابية متقدمة تستبق المخاطر بدلًا من التعامل معها بعد وقوعها.

وفي سياق تحولات المشهد المالي العالمي، توقف المحافظ عند النمو المتسارع للمؤسسات المالية غير المصرفية، لافتًا إلى أنها باتت تستحوذ على نحو 50% من الأصول المالية على مستوى العالم، الأمر الذي يجعلها لاعبًا مؤثرًا في دعم الشمول المالي وتعزيز النشاط الاقتصادي. لكنه أكد في المقابل أنها تحمل مخاطر متنامية تتطلب معايير رقابية أكثر صرامة وشفافية.

كما شكّل الجانب التكنولوجي محورًا رئيسيًا في الكلمة، إذ أشار المحافظ إلى التوسع الكبير في الأصول الرقمية والعملات المستقرة، التي تضاعفت قيمتها خلال الأعوام الثلاثة الماضية وأصبحت عنصرًا مؤثرًا في منظومة المدفوعات عبر الحدود. وتناول أيضًا الأثر المتصاعد للذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، سواء على مستوى تعزيز قدرات التحليل والمراقبة أو ما يرتبط به من مخاطر تتعلق بالتباين التنظيمي والتحيز وحماية البيانات، إضافة إلى تزايد التهديدات السيبرانية، ما يفرض الحاجة إلى بنية رقمية أكثر أمنًا وتشريعات أكثر نضجًا.

وتطرقت الكلمة كذلك إلى التوترات المصرفية التي شهدها العالم عام 2023، بعد توقف أربعة بنوك عن العمل، والتي أظهرت — بحسب المحافظ — محدودية معايير السيولة التقليدية في مواجهة ظاهرة السحب الرقمي السريع وانتقال الأموال الفوري عبر المنصات الإلكترونية. وأوضح أن هذه الأزمة كشفت اختلالات في الحوكمة وإدارة المخاطر ونماذج الأعمال، ما يستدعي تطوير اختبارات الضغط وتعزيز الجاهزية التشغيلية وتطبيق نهج إشرافي قادر على اكتشاف بوادر المخاطر مبكرًا.

واختتم المحافظ كلمته بالتأكيد على أن تحديات الاستقرار المالي باتت عابرة للحدود، وأن مواجهتها تتطلب تعاونًا وثيقًا بين الدول العربية والمؤسسات الدولية لبناء رؤى مشتركة تعزز قدرة الأنظمة المالية على مواكبة التحولات، وتوفير بيئة أكثر مرونة تدعم الابتكار وتحمي الاستقرار.

وتتناول جلسات الاجتماع هذا العام عدة محاور أساسية، تشمل المخاطر الناشئة في الأنظمة المالية العربية، وسياسات تعزيز الاستقرار ودعم النمو، وتطوير آليات الإشراف والرقابة، إضافة إلى تنظيم العملات المستقرة ودور الذكاء الاصطناعي وإدارة مخاطر السيولة.