مصر تُرسّخ مكانتها كمركز رقمي عالمي
أخبار مصراقتصاد

إنزال كابل SEA-ME-WE-6 يعيد رسم خريطة الاتصالات بين الشرق والغرب

كتب: التقرير

في خطوة تحمل أبعادًا اقتصادية وجيوسياسية استراتيجية، أعلنت الشركة المصرية للاتصالات عن الانتهاء من عمليات الإنزال الأرضي لكابل SEA-ME-WE-6 داخل الأراضي المصرية، في مدينتي بورسعيد على البحر المتوسط ورأس غارب على البحر الأحمر، إلى جانب الانتهاء من المسارات الأرضية التي تربط بين النقطتين، ما يُكرّس مكانة مصر كبوابة رقمية حيوية بين قارات آسيا، أفريقيا، وأوروبا.

هذا الإنجاز التقني لا يندرج فقط تحت إطار التطوير التكنولوجي، بل يعكس تحول مصر إلى لاعب محوري في الاقتصاد الرقمي العالمي، وسط سباق دولي متسارع على البنية التحتية للاتصالات والبيانات.

الكابلات البحرية.. عصب الاقتصاد الرقمي العالمي

في عصر تتجاوز فيه قيمة البيانات النفط والذهب، باتت الكابلات البحرية هي شرايين الاقتصاد الحديث. ويأتي كابل SEA-ME-WE-6 كأحدث سلسلة من الكابلات التي تربط بين سنغافورة ومارسيليا مرورًا بمصر، بمسافة تمتد نحو 21,700 كيلومتر عبر 17 نقطة إنزال في ثلاث قارات.

ويمثل الكابل جزءًا من تحالف يضم 16 من أكبر مشغلي الاتصالات في العالم، من بينهم:

المصرية للاتصالات – مايكروسوفت – أورانج – Mobily السعودية – بهارتي إيرتل الهندية – Beyon –البحرين.

ويمتاز SEA-ME-WE-6 بقدرته على نقل كميات هائلة من البيانات بسرعات فائقة، ما يعزز القدرات التكنولوجية لمراكز البيانات، ويدعم التجارة الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية.


في قلب الجغرافيا العالمية

ما يُميّز هذا الإنجاز هو الموقع الاستثنائي لمصر، حيث تمر عبر أراضيها أكثر من 90% من حركة الإنترنت بين آسيا وأوروبا، عبر ممر السويس الرقمي الذي أصبح في قلب التنافس الجيوسياسي العالمي على مسارات الاتصالات.

المساران الأرضيان الذين أنجزتهما المصرية للاتصالات يربطان البحرين الأحمر والمتوسط بموثوقية عالية، ما يوفر بديلاً آمنًا وقابلاً للتطوير في مواجهة التهديدات الجيوسياسية أو الكوارث الطبيعية التي قد تُهدد الكابلات البحرية في أعماق البحار.

يقول المهندس محمد نصر، الرئيس التنفيذي للمصرية للاتصالات: نحن لا نمد كابلاً فحسب، بل نُرسّخ موقع مصر كمركز رئيسي للتبادل الرقمي العالمي. إن هذا المشروع يدعم رؤيتنا لبناء بنية تحتية ذكية تخدم الاقتصاد الرقمي الدولي وتُعزز من موقع مصر الاستراتيجي.

استثمارات رقمية تعيد تعريف موقع مصر الاقتصادي

لا يمكن فصل هذا المشروع عن التحولات الجيوسياسية العالمية التي تشهد تحولات في موازين القوى الاقتصادية والرقمية. فبينما تتنافس قوى كبرى على السيطرة على تدفقات البيانات، تلعب مصر دور “وسيط آمن” وممر حيوي للبنية التحتية الرقمية.

وقد استثمرت المصرية للاتصالات مليارات الجنيهات في تطوير شبكات الألياف الضوئية، وتوسيع نطاق نقاط الإنزال، وإنشاء مراكز بيانات إقليمية تستقطب الشركات العالمية الباحثة عن الاستقرار والسرعة والربط متعدد القارات.

وبحسب الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، يُعد الاستثمار في الكابلات البحرية أحد المحركات الرئيسية للنمو في اقتصادات المستقبل، خصوصًا لدول تمتلك موقعًا جغرافيًا مثل مصر.

 مصر ليست مجرد ممر..

بإتمام عمليات الإنزال الخاصة بكابل SEA-ME-WE-6، لا تكتفي مصر بكونها دولة عبور، بل ترسّخ مكانتها كمركز رقمي دولي، قادر على استضافة وتشغيل الخدمات الرقمية على أعلى المستويات، وجذب الاستثمارات العالمية الباحثة عن موطئ قدم في منطقة ذات عمق استراتيجي وبنية تقنية قوية.