لم تكن الساعات الأخيرة من مفاوضات معاهدة البلاستيك العالمية في جنيف عادية. وزراء ومفاوضون من مختلف القارات اجتمعوا على أمل كتابة فصل جديد في تاريخ حماية الكوكب، لكن الطاولة خرجت فارغة.. بلا اتفاق.
بعد عامين كاملين من المفاوضات، انتهت جولة INC5.2 دون تحديد موعد جديد للاستئناف، تاركةً الغموض سيد الموقف، ومثيرةً موجة من القلق لدى المنظمات البيئية.
“جرس إنذار”
في بيان حادّ اللهجة، قالت منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن الفشل في جنيف ليس مجرد تعثر سياسي، بل جرس إنذار للعالم.
صرحت فرح الحطّاب، ممثلة غرينبيس في المفاوضات: كل يوم يمرّ دون معاهدة فعالة يعني مزيدًا من التلوث الذي يهدد صحتنا ويخنق محيطاتنا ويدمر التنوع البيولوجي. العالم لا يحتمل المزيد من الانتظار.
الشرق الأوسط تحت الخطر
بالنسبة للمنطقة، تبدو الصورة أكثر قتامة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر تواجه تهديدات متزايدة، النفايات البلاستيكية تتكدس على السواحل والمدن، المجتمعات الريفية تكافح آثارًا بيئية وصحية مباشرة.
تقول غرينبيس: إن الوضع لم يعد يحتمل التأجيل، فالتلوث يتسارع بوتيرة قد تغير ملامح الأنظمة البيئية وتهدد سبل العيش لآلاف الأسر.
ما الذي تريده غرينبيس؟
المنظمة البيئية تطالب قادة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأن يكونوا جزءًا من الحل لا جزءًا من المشكلة، عبر دعم معاهدة: ملزمة قانونيًا لتقليص إنتاج البلاستيك، تمنع البلاستيك أحادي الاستخدام الذي يغزو الأسواق، تضع أهدافًا واضحة لإعادة الاستخدام والتدوير، تؤمن تمويلًا منصفًا لدول الجنوب العالمي لتتمكن من التحول نحو بدائل أكثر استدامة.
لماذا الاستعجال؟
التقارير الأممية تشير إلى أن 11 مليون طن من البلاستيك تدخل محيطات العالم سنويًا، مع توقع تضاعف الكمية بحلول 2040. تقرير الأمم المتحدة يحذر من “مستقبل خانق” إن لم تتحرك الحكومات سريعًا.
المستقبل بيد القادة
فشل جنيف لا يعني نهاية الحلم، لكنه يكشف هشاشة الإرادة السياسية في مواجهة أزمة لا تنتظر. غرينبيس تختم رسالتها بوضوح: علينا أن نضمن أن تكون الجولات المقبلة نقطة تحول، لا مجرد فرصة ضائعة أخرى.
غرينبيس (Greenpeace) هي منظمة بيئية دولية غير حكومية تأسست عام 1971 في كندا، وتعمل في أكثر من 55 دولة عبر العالم، من بينها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
تهدف المنظمة إلى حماية البيئة والتصدي لأبرز التحديات البيئية مثل: أزمة المناخ، التلوث البلاستيكي، حماية المحيطات، والطاقة المتجددة.
وتعتمد غرينبيس على البحث العلمي، الحملات الميدانية، والضغط على الحكومات والشركات من أجل إحداث تغيير جذري نحو مستقبل أكثر استدامة.
معاهدة البلاستيك العالمية هي مبادرة دولية أطلقتها الأمم المتحدة عام 2022 من خلال اللجنة الدولية للتفاوض (INC) بهدف وضع اتفاقية ملزمة قانونيًا لمكافحة التلوث البلاستيكي من مصدره.
تركّز المعاهدة على تقليص إنتاج البلاستيك عالميًا، الحد من البلاستيك أحادي الاستخدام، تعزيز إعادة التدوير والاستخدام.